من الأكثر ثقلا طارق رمضان أم معمر القذافي؟

في أوج الحملة الانتخابية للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وبدء حرب استقطاب أصوات اليمين المتطرف الذي حصل على 17.91 في المائة من الأصوات في الدور الأول، يبدو أن كل الوسائل باتت مشروعة في معسكر اليمين. فمنذ أيام انتقد الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي منافسه في الدور الثاني مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند متهما إياه بالحصول على دعم من طارق رمضان.

 

ساركوزي اعتبر "دعم" طارق رمضان، وهو لمن لا يعرفه محاضر في علوم الإسلام من أصل مصري ويحمل الجنسية السويسرية، اعتبره أمرا مشينا بسبب السمعة التي يحظى بها رمضان داخل فرنسا، لكونه حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبسبب إلصاق فكره ومواقفه، عادة، ببعض المواقف السلبية، كاتهامه بالموافقة على رجم المرأة وممارسة بعض العقوبات كحد قطع يد السارق...مواقف بطبيعة الحال تشوه صورة طارق رمضان في أعين الغربيين، رغم أنه نفاها مرارا وتكرارا بالصوت والصورة في عدة مقابلات تلفزيونية وفي بعض من كتبه.

 

المرشح الاشتراكي، نفى التهمة التي لفقها إليه ساركوزي، كما أن طارق رمضان بدوره نفى ذلك وقال إنه لم يدع أبدا إلى التصويت لصالح هولاند، بل قال إنه ليس مواطنا فرنسيا ومن ثم لايمكنه إعطاء تعليمات بالتصويت للشعب الفرنسي. لكن رمضان أكد أنه دعى الفرنسيين إلى التمعن وتقييم حصيلة الولاية الأولى من حكم ساركوزي التي وصفها بـ"السيئة".

 

طارق رمضان الذي لم يتقبل اتهام ساركوزي، قام بـ"قلب السحر على الساحر" ساركوزي الذي خلق التهمة، وكتب على موقعه الخاص مقالا بعنوان "صوتوا لنيكولا ساركوزي". بطبيبعة الحال، رمضان ليس صادقا، من يقرأ ما كتب يفهم وللوهلة الأولى أنه يمزح وأنه يحاول النيل من ساركوزي مرتين: الأولى، من خلال إظهار أنه يدعمه، دعم غير مرغوب فيه من قبل ساركوزي، والثانية، من خلال استغلال فرصة المقال الذي نشره لتوجيه انتقادات جديدة لساركوزي ولحصيلة ولايته الأولى من 2007 إلى 2012.

 

لكن، اتهام ساركوزي، لهولاند بتلقي دعم طارق رمضان، وإن كان صحيحا، لا يمثل شيئا في نظري، بالمقارنة مع الدعم المحتمل الذي قال موقع إخباري فرنسي إن ساركوزي تلقاه من معمر القذافي. فبالرغم من مواقفه المحتملة، فإن طارق رمضان لم يقتل يوما أحدا، على حد علمي، ولم يعذب معارضا سياسيا ولم ينهب ثروات بلد...

 

الموقع الفرنسي نشر مقالا يعتمد على "وثيقة رسمية بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2006" يقول إنها بحوزته. وثيقة تشير بحسب الموقع إلى "دفع النظام الليبي مبلغ 50 مليون يورو للمساهمة في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس نيكولا ساركوزي" عام 2007. هذه المعلومات التي كذبها الرئيس الفرنسي ومحيطه مرارا، إذا ثبتت قد تشكل قضية دولة، لأن القانون الفرنسي يقيد تمويل الأحزاب ويمنع تمويلها من قبل دول أجنبية.

 

لكن ما يصب النار في زيت ساركوزي، هو نشر أسبوعية "لو كنار أونشيني" الفرنسية مقالا سابقا، يقول إن فرنسا "تحمي" مقربا للعقيد الليبي يدعى بشير صالح الذي كان يقدم بصفته رئيسا للصندوق الليبي للاستثمارات الليبية، وبكونه يعرف من استفاد من "كرم" العقيد الليبي. وجود صالح بشير، الذي "يطالب المجلس الوطني الليبي بتسليمه إلى ليبيا" بحسب الأسبوعية،  فوق التراب الفرنسي تم تأكيده من قبل وزير الداخلية الفرنسي الذي قال إنه "استفاد من إقامة موقتة لأن عائلته مقيمة في فرنسا".

 

كل هذا يدفعنا إلى التذكير بالمثل الشعبي الذي يقول "إذا كان بيتك من زجاج، فلا ترمي بيوت الناس بالحجارة". ما أقصده بذلك، هو أنه في هذه الفترة من الحملة الانتخابية، فإن المرشح الذي يتهم الآخر بشيء، فهو يدفعه بالضرورة إلى رد الاتهام  إليه واتهامه بشيء آخر، خاصة وأن التحقق من صحة بعض الاتهامات قد يتطلب أحيانا سنوات وأحيانا قد يكون مستحيلا.

Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
1 Comments
وانت من يقودك ايتها الانسة؟ او لنقل من يسير قلمك؟ وبربك لقد مللنا من عبارة "انقلب السحر على الساحر" لتجدي عبارة اخرى بدل نقل عبارة من افواه الاخرين,,, فالسحر اتما هو حيلة الاغبياء من لا حيلة لهم,,, وفي هذه الحالة حتى الحجارة تصبح غير مجدية بل اللعنة حتى في احلامهم طابت مدونتك,,,

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.